هل سيعود الاحتقان الى الجامعة المغربية؟
رغم دنوّ موعد نهاية الموسم الجامعي، يستمر “الاحتقان” سيّد الموقف بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ونقابيين موظفين تابعين للوزارة ذاتها أو بالأحياء الجامعية.
وأصبح “الفشل” متربصاً –مرة أخرى– بجلسات الحوار القطاعي في التعليم العالي المستأنفة منتصف مارس الماضي، بسبب خلافات تعتمل منذ أشهر بين فعاليات نقابية (الأكثر تمثيلية) ووزارة التعليم العالي حول مسودة النظام الأساسي لموظفي القطاع، دفعتهُم إلى “خوض إضراب وطني لمدة 48 ساعة يومي 14 و15 يونيو 2023، مع تنظيم وقفة احتجاجية في اليوم الأول من الإضراب أمام مقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بالرباط”.
النقابة الوطنية لموظفي التعليم العالي والأحياء الجامعية (المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل) قررت “التوقف عن حضور أيّ جلسات حوار مع الوزير أو مع ممثلي الوزارة قبل تسليم الوزارة مسودة النظام الأساسي”، ما يعني خيار “المقاطعة”، وفق بيان لمكتبها الوطني .
التصعيد عبر خطوة الإضراب والوقفة الاحتجاجية مركزياً يأتي بعد “تقييم سلسلة جولات الحوار القطاعي التي عُقدت سابقا سواء مع الوزير أو ممثلي الوزارة، منذ استئناف الحوار بتاريخ 15 مارس 2023″، وفق نص البيان.
تبعا لذلك، سجل المكتب الوطني عدم وفاء وزارة التعليم العالي بـ”وعدها الأخير المتمثل في تسليم النقابة مسودة النظام الأساسي الذي حددت له عدة مواعيد كانت تُخلفها في كل مرة، وبدء سلسلة الاجتماعات المخصصة لمناقشة مضامينه، وذلك بكوننا النقابة الأكثر تمثيلية في القطاع”.
ولفتت النقابة ذاتها إلى أن “اللقاءات خلال السنة الجامعية الحالية أبانت عن أن الوزارة غير جادة وتنهج سياسة الكيل بمكيالين في التعامل مع ملفات الموظفين بالقطاع، إذ تستجيب لمطالب فئة بعينها، مقابل نهج سياسة التسويف والمماطلة حيال مطالب الفئات الأخرى من الموظفين الإداريين والتقنيين”، معددة أسباب قرار مقاطعتها جلسات الحوار، ومنها “حالة الجمود التي طبعت الحوار القطاعي مؤخرا، واستمرار رفض مدير المكتب الوطني للأعمال الجامعية، الاجتماعية والثقافية، فتح باب الحوار، فيما لم يتم حل غالبية المشاكل العالقة، وأصبح التواصل مع ممثلي الوزارة أكثر تعقيدا وغير متاح أحيانا…”، وفق بيانها.
كما انتقدت “نقابة موظفي التعليم العالي” التابعة لـ(CDT) ما وصفته بـ”أسلوب المماطلة الذي طبع خطاب المسؤولين في الوزارة، ومحاولتهم تمييع العمل النقابي عبر استقبال نقابات لا تملك صفة التمثيلية ولم تبلغ السقف الذي يخولها حق التحاور مع الوزارة، في ضرب صارخ للقانون، ورغبة في خلط الأوراق وضرب المبادئ الأساسية للحوار القطاعي”.
وتابع بيان النقابة الأكثر تمثيلية في قطاع التعليم العالي مؤكدا أنها “تَعِي مدى أهمية الحوار كوسيلة ناجعة لوقف الاحتقان الذي يطبع القطاع بسبب تراكم مشاكل الموظفين وتردي أوضاعهم المهنية والاجتماعية”، متشبثة بـ”مطلب مأسسة هذا الحوار، واحترام مبادئه الأساسية، لاسيما مبدأ النقابة الأكثر تمثيلية استنادا إلى نتائج الانتخابات المهنية”، قبل أن تجدد “رفضها تمييعَ الحوار القطاعي في جولات حوار جوفاء لا تنتج سوى وعود كاذبة ومحاولات يائسة لتضييع الوقت والمناورة والتسويف”، وفقها.
ويتمثل المطلب الأساس لموظفي القطاع في “إخراج نظام أساسي عادل ومنصف يحفظ حقوقهم”، وفق ما أكدته مصادر نقابية، موردة أن “المكتب الوطني يريد بعث رسالة واضحة للوزارة مفادها أنه لا استئناف للحوار بدون احترام مبادئ الحوار القطاعي وتسليم مشروع النظام الأساسي في أقرب الآجال”.
ودعت النقابة ذاتها الوزارة إلى “تحمُّل مسؤوليتها تجاه الموظفين”، مع حثّها على “العمل بجدية على تلبية مطالبهم العادلة”، وختمت بأنه “لا سبيل لإقرار أي إصلاح لمنظومة التعليم العالي بدون إصلاح أوضاع الشغيلة”.
يشار إلى أنه تعذَّر الحصول على إفادات أو استقاء رأي وزارة التعليم العالي، بعد محاولات اتصال متكررة بالوزير ميراوي، ظلت دون جواب، بسبب تزامن ذلك مع تواجده في مهمة رسمية خارج المغرب؛ إلا أن مصدرا من داخل الوزارة أفاد هسبريس بأن “الوزارة لم تُبدِ –إلى حدود اللحظة- أي تفاعل مع خطوات النقابة التصعيدية، ليظل الوضع على ما هو عليه”.