توصية قضاة العدوي باعتماد التعليم “عن بعد”
أصدر المجلس الأعلى للحسابات تقريره لسنة 2021، والذي تضمن في الفصل الثالث منه، توصيات تهم منظومة التربية الوطنية، حيث أوصى المجلس بالعمل على الإدماج التدريجي لنمط “التعليم عن بعد” في المنظومة التعليمية الوطنية، والحرص على تتبع وتقييم نتائج كل المبادرات المتخذة من أجل وضع مخطط للإستمرارية البيداغوجية جاهز لمواجهة الأزمات المحتملة.
وأشار التقرير إلى أنه خلال فترة الأزمة الصحية “كوفيد-19″، تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات لتطوير نمط “التعليم عن بعد” في جميع أسلاك التدريس وضمان الإستمرارية البيداغوجية، مشيرا إلى أنه تم تسجيل “تفاوتات مهمة على مستوى استفادة المستهدفين من هذا النمط”، حيث كانت الإستفادة محدودة في العالم القروي والأحياء الحضرية الهامشية، وهو ما يطرح عدة تساؤلا عن إمكانية تنفيذ هذا النمط، وما أثره على الحصيلة التعلمية للتلاميذ.
وفي هذا الصدد، أوضح الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم، التوجه الديموقراطي، غميمط عبد الله، أن “عرض تقرير المجلس الأعلى للحسابات الصادر يوم 7 مارس 2023 موضوع نمط التعليم عن بعد، متبنيا هذا النوع ومدافعا عنه، لكن كجامعة وطنية للتعليم التوجه الديمقراطي ، انطلاقا من معايشتنا للتعليم عن بعد في كل أسلاك التعليم المدرسي، فهو تعليم غير ناجع وغير مؤطر”.
وشدد غميمط أنه “من خلال نمط التعليم عن بعد تتملص الدولة من التزاماتها الاجتماعية تجاه قطاع التعليم، من توفير البنيات التحتية، وسائل العمل في المختبرات العلمية والتقنية، وتوفير الأطر الإدارية والتربوية”.
موردا أن “هذا النمط من التعليم تسعى من خلاله الدولة إلى تخفيض نفقات القطاع والتهرب من مسؤولياتها، بالإضافة للمحن التي لازمته من صعوبات تقنية وإكراهات توفير الوسائل التقنية من طرف الأسر، حيث الاغلبية المطلقة في الوسط القروي وهوامش الحواضر والاحياء الشعبية لا يتوفر أبنائهم وبناتهم على الهواتف والحواسب وتغطيات الانترنيت والويفي، وغياب الوسائل الرقمية لدى المدرسين، وعدم إلمام الأسر بتشغيل التطبيقات الخاصة بالتدريس عن بعد، زووم مثلا ، تيمس، وغيرها، ناهيك عن ضعف كبير لتغطية شبكة التلفزيون مما يجعل أغلبية التلاميذ لا يستطيعون مواكبة الدروس المقدمة من طرف بعض القنوات التلفزية”
ويرى غميمط أن هذه “محاولات حثيثة لمأسسة التعليم عن بعد، والذي كان في شموليته لا يستجيب لا لحاجات التلاميذ، من تعلمات مباشرة يتم فيها التفاعل المادي مع الدرس ومحيطه، ويضيف للأسر مصاريف وأتعاب إضافية في ظل أوضاع اجتماعية متردية لأغلبهم، وإكراهات التواجد مع الابناء في المنزل خلال فترة التمدرس، في ظل التزاماتهم المهنية خارج المنازل”.
وخلص إلى أنه “يبقى هذا النوع من التعليم تعليما يستجيب لتصور المنظور اللبيرالي الربحي، وضد مقومات التعليم العمومي الموجه لكل أبناء وبنات الشعب بمختلف طبقاته الاجتماعية، من الأولي إلى العالي، والذي يجب على الدولة توفير ميزانياته الكافية لترجمة تصاعد الطلب الاجتماعي على التعليم” .