الخوف من المدرسة : مجموعة حلول و مقترحات
امال كنين
تحديات كثيرة تواجه أولياء الأمور خلال الدخول المدرسي، فناهيك عن الجانب التربوي والتعليمي يجب الانتباه إلى عدد من الأساسيات التي تهم الشقين النفسي والاجتماعي حتى لا يصاحب التلاميذ ما يسمى بـ”الرهاب المدرسي”، ولتجاوز ضغوطات عديدة قد تواجه الأولياء طيلة السنة الدراسية.
في هذا الإطار، قال محمد حبيب، أخصائي اجتماعي باحث في علم النفس، إنه لا بد أولا من إيلاء أهمية كبرى والتركيز حول الأطفال الذين سيلجون المدرسة لأول مرة، مؤكدا أن “هذه التجربة إذا مرت بشكل سلبي قد تخلف لدى الأطفال خوفا من المدرسة أو الرهاب المدرسي الذي قد يرافقهم دائما”.
وعدد حبيب سبل تجاوز الأمر، داعيا الأولياء إلى الحديث مع الأبناء بداية وتعريفهم على الطريق إلى المدرسة، وفي البداية تركهم لوقت قصير بالمؤسسة وإعلامهم بأنهم سيعودون إليهم، “حتى إذا ما قضوا مدة ثماني ساعات بالمدرسة لا يعانون من الخوف من فقدان الآباء والأولياء”.
ونصح المختص ذاته بـ”ترك شيء يحمل رائحة الأهل لدى الأطفال الصغار حتى يشعرهم بالأمان أثناء التواجد بالمدرسة، وأن يتم إقناعهم بأن الأطر الموجودين بالمؤسسة التعليمية سيراعونهم إلى حين عودة الأهل”، و”توفير وقت زمني عند الدخول المدرسي يكون الأولياء حاضرين خلاله”، موصيا المشغلين بـ”منح الآباء ساعة لمصاحبة أبنائهم خلال يومهم الأول للمساهمة في تحبيب المدرسة للأطفال”.
وقال الأخصائي الاجتماعي نفسه: “في القطاع العمومي، الكل يطالب بمدرسة متميزة، وهناك عامل إذا ما تم تغييره يمكنه أن يساهم في هذا التميز، ويتعلق الأمر بتغيير توقيت التمدرس ليتناسب مع توقيت الآباء”، وأضاف: “نحن اليوم في أسر نجد أن الأم والأب يشتغلان معا وغالبا أوقات العمل هي من الثامنة صباحا إلى الرابعة بعد الزوال، في المقابل المدرسة العمومية تفرض وقتا مختلفا، وهو ما يطرح إشكالا حقيقيا؛ إذ كل أسرة يجب أن تتوفر على شخص يرافق الأبناء إلى المدرسة، سواء من الأهل كالجد أو الجدة أو حتى عاملة منزلية”. وتابع بأنه “إذا ما تم إحداث هذا التغيير، سيكون جد إيجابي للأسر والمؤسسات التعليمية”.
ودعا حبيب أيضا المؤسسات التعليمية إلى تعزيز التواصل مع أولياء الأمور وتوفير الدعم النفسي من داخل المؤسسات، مع عدم جعل اليوم الأول من الدراسة يخلف ضغطا كبيرا، بل أن يكون فقط يوما للاستئناس بالمحيط والفضاء وتحبيب المجال المدرسي للتلاميذ.
من جانبه، تحدث فيصل الطهاري، أخصائي نفسي كلينيكي ومعالج نفساني، عن “أخطاء قاتلة”، قائلا: “لا بد من استدراك الكثير من الأخطاء التي يتم تكرارها كل سنة دراسية، مما يخلف ضغطا كبيرا على الأولياء والتلاميذ، للحصول على سنة دراسية آمنة”.
وذكر الطهاري خمسة أخطاء يجب تفاديها؛ أولها هو “مقارنة أبنائنا بتلاميذ آخرين وعدم احترام قدراتهم الذهنية والمعرفية”، واعتبر هذا “خطأ قاتلا دراسيا ونفسيا يجب تجنبه”، مشددا على أن “لكل طفل قدراته الذهنية وما يميزه في سيرورته المعرفية، سواء من إدراك أو ذكاء أو ذاكرة أو تركيز وانتباه، في حين كلما تقربنا من أبنائنا وعرفنا قدراتهم الذهنية جيدا، استطعنا توجيههم بشكل صحيح”.
ثاني الأخطاء، “الاعتقاد أن (وقت) أبنائنا منذ الاستيقاظ حتى النوم للدراسة فقط دون القيام بشيء آخر”، قائلا: “اليوم جل الدراسات التي تدرس مجال المراجعة وتخزين المعلومات لدى التلاميذ، تثبت أنه كلما كانت لديهم أنشطة غير الدراسة والانفتاح على أمور أخرى، سواء ثقافية او رياضية، كان تحصيلهم الدراسي جيدا”.
الخطأ الثالث الذي يجب تفادي الوقوع فيه، بحسب فيصل الطهاري دائما، هو “ربط النجاح والتحصيل الدراسي للأبناء بسعادتنا كآباء وأمهات”، داعيا إلى “تربية الأبناء على أن تحصيلهم العلمي مرتبط بمدى احتوائهم للمعلومات في المقررات الدراسية، وأن كل اجتهاد هو موجه لهم كتلاميذ وليس لنا كآباء”.
رابع الأخطاء التي ذكرها المتحدث لهسبريس، هو “اعتماد الأولياء اتجاها تربويا مختلفا تماما عن المؤسسة التعليمية”، وخامسها هو “إيصال صراعات العلاقة الزوجية والأسرية للأطفال وعدم احترام توفير بيئة مناسبة للدراسة، مما يؤثر عليهم بشكل سلبي”.